بسم الله الرحمن الرحيم
المحاضرة الخامسة في مادة:
علوم الحديث، فوج ¾
**************************
· تاريخ نشوء التخريج وتطوره:
Ø المرحلة الأولى:
ظهر التخريج استكمالا لفضيلة الإسناد ولتحقيق
غايته ، ولذلك أطلق التخريج واستعمل في معنى الرواية و الإسناد فيقال: أخرجه
البخاري ومسلم ، أي أسنداه و روياه ، بل إن ظهور التصنيف للأحاديث و المروريات زمن
صغار التابعين ، كان سبباً لتطوير مفهوم التخريج ، فظهر التخريج مع المصنفات التي
روت الأحاديث و وأسندته ، بأن أخرجته للناس بعد أن كان في الخفاء ، وهذا أول ظهور للتخريج
بمعناه العام الآخذ من فضيلة الإسناد ونشوء علمه (أي الإسناد). وسيظهر هذا المعنى
أكثر عند من ذكر الأحاديث بأسانيدها ، وربما ناقش المؤلف أحوال الإسناد وربما
أحوال المتن أيضا ، ويتضح هذا جلياً لمن راجع سنن الترمذي ، وهناك من اعتبر
الترمذي أول من مارس التخريج ، إذ قصد إلى إيراد الحديث من طرق متعددة وألفاض
مختلفة مع كلامه عن حال الحديث من حيث الصحة و الضعف.
Ø المرحلة الثانية:
ذكر أسانيد أخرى لأحاديث كتاب ذُكرت أسانيده
من باب التقوية في الإسناد و الزيادة في المتن ، وتعلق بهذا المعنى استعمال
التخريج بمعنى الإستخراج الذي جيء به طلبا لعلو الإسناد وللإطلاع على ألفاظ
مزيدة وصحيحة ، وطلبا للزيادة في قوة الحديث في تعدد طرقه وكثرتها ، و من جانب آخر
تضطر بعض حالات المرتحلين في طلب الحديث إلى الإنتقاء على الشيوخ والإنتخاب عليهم
من حديثهم ، لتجنب المُعاد (أي المكرر) من رواياتهم ، وخاصة إذا كان المحدث مُكثراً.
o ومن أبرز الذين حفظ لنا التاريخ في القرن الرابع
الهجري ، أنهم صنفوا في تخريج الأفراد و الغرائب:
~ الإمام الدارقطني ، ومن
كتبه " تخريج الفوائد المنتقاة " لأبي بكر محمد بن عبيد الله الكاتب الكرخي
ت388هـ ،
o وممن ألف أيضا في القرن الخامس
الهجري:
~ الخطيب البغدادي وله "
الفوائد المنتخبة الصحاح العوالي " تخريج الخطيب أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القارئ البغدادي ت419هـ ، وهذه المرحلة
كانت تسايرها مرحلة أخرى اشتغل فيها أهلها بإسناد أحاديث بقيت بغير إسناد في الكتب
المصنفة التي رغب مصنفوها في الإسناد ، إذ وقع من بعضهم كمالك و الشافعي أنهم أوردوا
في كتبهم بعض المراسيل و البلاغات والمعلقات ، و حتى البخاري في صحيحه ذكر بعض
المعلقات التي لم يُسندها في مواضع أخرى منه على عادته .
o وجاء من بعدهم من الحفاظ في القرن الرابع و الخامس
فتصدو لتلك الأحاديث:
~ كالحافظ أبو بكر أحمد بن خالد بن يزيد
القرطبي المعروف بابن الجباب ، فصنف " مسند حديث الموطأ " .
~ وصنف الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد
الله الغافقي الجوهري " مسند الموطأ " أيضا ، فهاتان مرحلتان (الأولى: الرواية و
الإسناد) و الثانية مزج فيها القصدان (ذكر أسانيد أخرى
للكتب المسندة و إسناد مالم يسند منها) ويمكن أن نضيف قصداً
ثالثاً لهذه المرحلة: القصد إلى إسناد احاديث كتب لم تُسند كما صنع ابن حجر
للأذكار للنووي.
Ø
المرحلة الثالثة:
العزو و الدلالة على موضع الأحاديث مع بيان
الحكم عليها ، و هذه المرحلة كانت بعد أن دُونت السنة. وكان سبب ظهور هذه المرحلة أنه
بعد أن بَعُدَ الزمان و طالت الأسانيد، صار المتأخرون من المصنفين يكتفون بإيراد
الأحاديث مُعلقة بدون إسناد ولا سيما من الفقهاء و الصوفية الذين لا عناية لهم
بالرواية ، فحصل التوقف في الإحتجاج بها والإعتماد عليها فتصدى كثير من الحفاظ
والمتحدتين لبعض المشهور والمتداول من تلك المصنفات ، فخرَّجوا أحاديثها.
o و المحاولات في التأليف فيه كانت بدايتها في القرن
السادس الهجري ، ومن أوائل تلك المحاولات ما ذُكر عن أبي بكر محمد بن موسى
الحازمي ، ذُكر أنه أسند أحاديث كتاب المهذب للشيرازي .
o ومن أهل القرن الثامن الهجري:
~ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي
المقدسي ت744هـ ، له كتاب " تخريج
أحاديث المختصر الكبير " لابن الحاجب ،
~ و جمال الدين الزيلعي ت762هـ له " نصب
الراية لتخريج أحاديث الهداية " وله " تخريج الأحاديث و الآثار الواردة
في تفسير الكشاف " للزمخشري .
~ بدر الدين محمد بن جماعة ت767هـ له " تخريج
أحاديث الشرح الكبير" للرافعي وهو
شرحٌ لكتاب " الوجيز في الفقه " الشافعي للغزالي.
~ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير ت774هـ له " تحفة
الطالب بمعرفة أحاديث المختصر" لابن الحاجب.
o وممن اشتهر بالتصنيف في التخريج في القرن التاسع
الهجري:
~ سراج الدين عمر بن علي بن الملقب ت804هـ وله " البدر
المنير في تخريج الأحاديث و الآثار الواقعة في الشرح الكبير" و له "خلاصة
البدر المنير" وله " منتقى
خلاصة البدر المنير" .
~ زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي
ت806هـ خرَّج أحاديث "الإحياء" للغزالي و
سماه " إخبار الأحياء بأخبار الإحياء" وله "
المُغني عن حمل الأسفار في الأسفار".
~ وممن اشتهر أيضا شهاب الدين أبوا الفضل أحمد
بن علي الشهير بابن حجر العسقلاني ، له "التلخيص
الحبير" اختصر فيه كتاب "البدر المنير" لابن الملقن و "الدراية
في تخريج أحاديث الهداية" اختصر في نصب الراية للزيلعي وله أيضا " نتائج
الأفكار بتخريج أحاديث الأذكار" وهو كتاب لم يُتْممه.
وممن صنف في القرن العاشر الهجري:
~ محمد بن عبد الرحمن
السخاوي ت902هـ له تخريج " أحاديث
الغنية " للقطب الجيلاني سماه " البغية في تخريج أحاديث الغنية ".
~ وممن صنف كذلك
جلال الدين السيوطي ت911هـ له " تخريج أحاديث الموطأ " و له " العناية
في تخريج أحاديث الهداية " و له "مناهل الصفى في شرح الشفا " وله
" نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير".
o وممن صنف في القرن الحادي عشر:
~ الإمام المناوي ت1031هـ له " الفتح
السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي".
o وممن صنف في القرن الثاني عشر:
~ شمس الدين أبو عبد الله بن محمد بن حسن بن همات الدمشقي ت1175هـ له " تحفة
الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي".
o وفي القرن الرابع عشر:
~ أحمد بن الصديق الغماري، خرج أحاديث " التحفة المرضية "
وسماه " نيل الزلفة بتخريج أحاديث التحفة المرضية
" وخرج أيضا أحاديث " بداية المجتهد " لابن
المرشد.
وقبل الإنتقال إلى الحديث عن أهمية التخريج فمن
الضروري أن نختم الكلام عن قضية التأريخ بذكر ملاحظتين مهمتين:
1. أن تأريخ التخريج مرتبط بالحاجة إلى توثيق صحة نسبة
الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2. أن علم التخريج بقواعده وأصوله لم يحتج إليه المتقدمون ،
لأن اطلاعهم على مصادر السنة كان اطلاعا واسعا. وصلتهم بمصادر الحديث الأصلية كانت
وثيقة ، فكانوا عندما يحتاجون للإستشهاد لحديث ، سرعان ما يتذكرون موضعه في كتب
السنة وهم على علم بطريقة تأليف تلك المصنفات وترتيبها ، لذلك يسهل عليهم
الإستفادة منها. إلا أن هذا سيتغير عند المتأخرين ، فاستجابوا بهذه الحاجة بممارسة
التخريج، وقد ذكرنا مصنفات في ذلك ، كما أن للمعاصرين مشاركات في هذا العلم ببيان
قواعده وطرقه.
o
وهذه بعض المراجع
التي يمكن لكم كطلاب أن تستعينوا بها :
~ "حصول
التفريج بأصول التخريج" لأحمد بن محمد بن الصديق الغماري.
~ " أصول التخريج
ودراسة الأسانيد" لمحمود الطحان.
~ " كشف اللثام
عن اسرار تخريج أحاديث سيد الأنام" لعبد الموجود محمد عبداللطيف.
~ "طرق تخريج
الحديث النبوي" للدكتور عبد المهدي عبد
القادر عبد الهادي.
~ " التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل" للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد.
~ "علم تخريج الأحاديث " لمحمد محمود بكار.
~ " المدخل إلى تخريج الأحاديث والآثار والحكم عليها " للدكتور
أبو بكر عبد الصمد بن بكر آل عابد.
~ " تخريج الحديث - نشأته ومنهجيته " للشيخ أبي الليث الخيرآبادي.
~ " كيف ندرس علم تخريج الحديث " للدكتور حمزة عبد الله المليباري/ والدكتور سلطان العكايلة.
تمت المحاضرة بحمد الله
لتحميل المحاضرة
0 تعليقات على " المحاضرة الخامسة في علم التخريج دة. هاجر جميل "