بسم الله الرحمن
الرحيم
المحاضرة الثالثة في مادة
علوم الحديث
للدكتور هاجر جميل فوج ¾
علم التخريج
المحاضرة
الثالثة: شروط التخريج
· الشرط الأول:
العزو إلى
موضع الأحاديث التي تذكر في المصنفات والشيخ بين حالة هذه الأحاديث بكونها غير
مُسنَدة ولا معزُوة، وهذا الذي ذكره الشيخ بن الصديق ، خولف فيه، إذ وُجد من نبه على أن الأحاديث
المُسنَدة يمكن للمُخرِّج أن يخرِّجها. والذي يظهر عندي (الياء تعود على الأستاذة)
أن كلام الشيخ صحيح باعتبار موافقته لمقصد من مقاصد التخريج، وهو الإسناد ولا يكون
ذلك إلا من الكتب المسندة كما سيظهر في الشرط الثاني. إلا أن من نبه على كون
التخريج يكون أيضا بالنسبة للكتب التي
تورد أحاديث مُسندة، إعتبر أمورا أهمها: أن الكتب المُسندة ليست كلها على درجة
واحدة من حيث القوة، كما أن إخراج الأحاديث المُسندة ينتهي إلى إظهار غاية التخريج
وهي الحكم على الحديث، وهذا الشرط الأول يقودنا إلى ذكر أنواع التخريج وهي ثلاثة:
التخريج الموسع والمتوسط والمختصر.
1.
التخريج
الموسع:
هو غاية التخريج، ونهاية المطاف، وهو التخريج الذي يقوم فيه
المخرِّج بإيراد الحديث بأسانيده مع الكلام على رواته، وبيان درجته، وتوضيح الغامض
في متنه، ثم يذكر ما يكون له من شواهد، وما يقع فيه من علل، ونحو ذلك، ومن أمثلته:
~ البدر المنير
لابن الملقن، وقد طبع في عشرة مجلدات.
~ نصب الراية للزيلعي، وهو مطبوع في أربعة
مجلدات.
~ إخبار الأحياء
بأخبار الإحياء للعراقي، وهو مفقود.
o دواعي التخريج الموسّع:
1.
الإستقصاء في العزو إلى المصادر الأصلية.
2.
بيان العلل والإختلاف في الإسناد إن وُجد.
3.
نقل أحكام النقاد على الحديث.
4.
المقارنة بين ألفاظ المتون.
5.
جمع الأسانيد وطرق الحديث الواحد مع سياق ألفاظه، ويُلجأ
إلى هذا إذا كان مقصودُ المخرِّج:
أ- كشف المتابعات بالنسبة للسند.
ب- كشف الشواهد بالنسبة للمتن.
مع:
~ بيان
غريب الحديث
~ التنبيه
على الأوهام.
~ بيان
مشكل الحديث والجواب عنه.
~ بيان
الناسخ و المنسوخ.
2.
التخريج
المتوسط:
وهو بين هذا
و ذاك.
~ فيقتصر الباحث على العزو ويزيد فيه
عن التخريج المختصر في ذكر المصادر، أو الروايات، المشهورة، أو بعض ألفاظ الحديث.
~ إبراز مدار
الحديث.
~ المقارنة بين المتون.
~ حكاية الأقوال المعتبرة في بيان
درجته.
~ بيان الشواهد اللازمة.
3.
التخريج
المختصر:
وهو يقتصر فيه على عزو الحديث إلى أهم
مصادره، أو أقواها، أو أقربها إلى لفظ الحديث المراد تخريجه، أو أدلها على معناه، مع
بيان درجة الحديث وراويه.
o
أنواع
العزو :
للعزو أساليب مختلفة منها:
1. العزو المطوّل: وهو الذي يلتزم فيه المحُيل أو العازي
ذكر مكان وجود الحديث في الكتاب من خلال ذكر الكتاب الذي أورد فيه الحديث، والباب،
ثم يضيف المحيل والعازي إلى ذلك: رقم المجلد، والصفحة، ورقم الحديث إن وُجد أيضاً.
وهذا أطول عزو ممكن، وقد يقوم مقام الباب والكتاب، ذكر الترجمة فيما لو كان الكتاب
مرتب على التراجم، كتاريخ بغداد، وتراجم الضعفاء، فتقول: في ترجمة فلان. وميزة العزو
المطوّل: أنه تبقى إفادته مهما اختلفت طبعات الكتاب. وعيبه: الطول، خاصةً إذا كان الحديث
يُعزى إلى مصادر كثيرةٍ جداً.
2. العزو
المتوسط: وهو أفضل طرق العزو، وهذه الطريقة
يكتفي فيها العازي إلى ذكر إسم الكتاب ورقم الحديث فقط، وعيب هذه الطريقة أن بعض
الكتب ترقيمها ليس صحيحا، كما حصل في مصنف أبي شيبة، حيث رُقِّمت منه مجلدات وهناك
أخرى لم تُرقم، ثم رجعوا إلى المجلدات الأخيرة
فرقموها دون الإلتفات إلى المجلدات الوسطى، فأصبح الترقيم دون فائدة،لكن هذه
الطريقة الأفضل إن كان الترقيم جيدا ومرتبا ودقيقاإلى حد ما يكون العزو إليه افضل
من غيره، وهو متوسط بين التطويل والإختصار.
3. العزو المختصر: وهو أن تذكر من أخرج الحديث فقط. فتقول:
أخرجه البخاري، من دون ذكر الباب ولا الكتاب ولا الصفحة ولا المجلد ولا أي شئ، كما
كان يفعله المتقدمون، أنظر (تلخيص الحبير) ، و (نصب الراية) ، وكتب التخريج المشهورة.
و هذه الطريقة مفيدة خاصة مع الكتب المشهورة مثل الصحيحين، والتي صنعت لها فهارس متعددة
في الوقت الحاضر مما يسهل الرجوع للحديث فيها.
·
الشرط الثاني:
أن يكون العزو إلى الكتب
المُسندة التي يروي فيها أصحابها الأحاديث بإسنادهم، ويعبرون عنها بالمصادر
الأصلية، أي التي تُعتمد في نقله على الرواية المباشرة، والمصدر لابد أن يكون
صاحبه من أهل الحديث المعتبرين، وأن يكون منهجه في كتابه معروفا ومعتمدا.
وهناك من يفصل حين ذكر المصادر فيكون العزو
إلى المصادر الأصلية[1] أو المصادر الفرعية[2] ، وهذه
المصادر الفرعية هي الزوائد التي تذكر الأحاديث بأسانيدها لمؤلفيها المتقدمين، مثل كتاب كشف الأستار عن زوائد مسند البزار على الكتب الستة،
ويدخل في المصادر الفرعية أيضا كتب الاطراف، وهو الجزء الدال على الحديث أو
العبارة الدالة عليها مثل حديث (إنما الأعمال
بالنيات)، وكتب الأطراف يقتصر مؤلفوها على ذكر طرف الحديث الدال عليه ثم ذكر
أسانيده في المراجع التي ترويه بإسنادها، وبعضهم يذكر الإسناد كاملا، وبعضهم الآخر
يقتصر على جزء من الإسناد كما لا يُلتزم أن يكون الطرف المذكور من نص الحديث
حرفيا.
~ فوائد
الأطراف:
o
تسهيل
معرفة أسانيد الأحاديث لاجتماعها في موضع واحد.
o
معرفة من
أخرج الحديث من أصحاب مصادر الأصول ومعرفة الباب الذي أخرجوه فيه.
~
ومن أشهر كتب الأطراف: تحفة الأشراف بمعرفة الاطراف للحافظ المزي.
ومن المصادر
الفرعية أيضا ما يسمى بالمصادر البديلة، وهي المصادر التي اقتبست نصوصا مُسندة من
مصادر مفقودة، مثل كتاب تفسير أبن مردويه. فإذا وجدنا ابن كثير ينقُل ما أسنده ابن
مردويه في تفسيره من مروياته جاز الإستئناس بتفسير ابن كثير في هذه الحالة وصار
كتابه مصدرا بديلا لابن مردويه.
· الشرط الثالث:
وهو من الشروط المختلف في اشتراطها وهو الحكم على
الاحاديث، تصحيحا وتضعيفا، قبولا وردا، وبيان ما فيها من العلل مع ما يستدعيه ذلك من
جمع طرق الحديث وألفاظه ومتابعاته وشواهده، لمعرفة حالة روايته من حيث التفرد أو
الموافقة أو المخالفة، ولكن هذا الشرط فيه نوع من التسامح عند البعض، فيقول: (ثم
بيان مرتبته عند الحاجة)، ليؤكد أن ذلك ليس شيئا أساسيا للتخريج، وإنما هو أمر
متمم يؤثر به عند الحاجة إليه، إلا أن البعض الآخر يجعل الحكم شرطا أساسيا لاعتبار
التخريج علميا، فيقول: ( ويعد السكوت عن بيان درجة إسناد الحديث غشا للمسلمين)،
إلا أن البعض الآخر إنتقد هذا الإشتراط، ومن جملة ما احتج به أن أهل الإختصاص
كالزيلعي والعراقي وابن حجر، لم يلتزموا بيان الدرجة في كثير من الأحاديث التي
يخرجونها، لكن هذا لا يمنع من حكاية كلام أصحاب المصنفات الحديثية في بيان درجة
الحديث، كنقل كلام الترمذي على الحديث عقب تخريجه، بل ينبغي للباحث أن يعتني بنقل
ما يقف عليه من كلام في بيان درجة الحديث.
علم التخريج
· تعريف علم التخريج:
قيل في تعريف علم التخريج أنه:
علم يبحث في أصول ومناهج تيسر معرفتها، أو تضمن الوصول
إلى أماكن الحديث ومتابعاته وشواهده، في مصادره الاصلية أو سبه الأصليه أو غير
الاصلية وإلى درجة الحديث من حيث القبول والرد.
وقريب من هذا
التعريف قول عبد العزيز الشايع في تعريفه لعلم التخريج:
هو القواعد والطرق التي يُتوصل بها إلى معرفة مكان
الحديث وبيان ضوابط صياغة التخريج.
ومن
التعريفين يتبين الفرق بين التخريج وعلم التخريج
~ فعلم التخريج: هو تلك
القواعد والطرق التي يُتوصل بها إلى الدلالة على موضع الحديث في مصادره الاصلية
التي أخرجت منه. ( وهو بهذا يُعنى بالجانب النظري)
~ أما التخريج: فهو الجانب
التطبيقي، أي عملية البحث في مصادر السنَّة عن الحديث المراد تخريجه.
· الطرق المعروفة في التخريج:
1. البحث عن الحديث من خلال معرفة الراوي الأعلى.
2. من
خلال معرفة موضوع الحديث.
3. من
خلال معرفة لفظة من متن الحديث.
4. من
خلال مطلع الحديث.
5. من خلال
معرفة صفة في الحديث.
6. من
خلال برامج الحاسوب.
تمت بحمد الله
0 تعليقات على " المحاضرة الثالثة في علم التخريج دة. هاجر جميل "