بسم الله الرحمن الرحيم
المحاضرة الثالثة في مادة: علوم القرآن، فوج ¾
الدكتور محمد إدريسي طاهري
**********************************
أسباب النزول
· الهدف من النزول:
نزل القرآن
ليهدي الإنسانية إلى المحجة الواضحة ، ويرشدها إلى الطريق المستقيم ، ويقيم لها
أسس الحياة الفاضلة التي تقوم دعامتها على الإيمان بالله ورسالاته ، ويقرر أحوال
الماضي ، ووقائع الحاضر ، وأخبار المستقبل ، ويبين أحكام الشريعة. وأكثر القرآن
نزل ابتداءً لهذه الأهداف العامة.
· مصادر أسباب النزول:
أهم مصادر
إستيقاء أسباب النزول هي على التوالي:
1.
كتب السنة التي تعتمد على الرواية.
2.
كتب السيرة النبوية.
3.
كتب التفسير ، ولا سيما التفاسير التي أعتُمد فيها
المأثور.
4.
مصادر علوم القرآن.
5.
المصادر التي أفردت في التأليف في أسباب النزول . فقد إعتنى
الباحثون في علوم القرآن بمعرفة سبب النزول ، ولمسوا شدة الحاجة إليه في تفسير
القرآن فأفرده جماعة منهم بالتاليف ، ومن أشهرهم شيخ البخاري ( أبو الحسن علي بن المديني ت234
هـ) ، ثم (الإمام الواحدي) في كتابه أسباب النزول ، ثم شيخ الإسلام (أبو الفضل شهاب الدين الحافظ ابن حجر العسقلاني) الذي ألف كتابا في اسباب النزول
إطلع السيوطي على جزء من مسودته ولم يتيسر له الوقوف عليه كاملا ، ثم (السيوطي) الذي قال عن نفسه: (وقد ألفت فيه كتابا حافلا موجزا
محررا لم يُؤلَّف مثله في هذا النوع ، سميته " لباب المنقول في أسباب النزول" .
·
تعريف
سبب النزول:
"هو ما نزلت الآية أو الآيات عَقِبه متحدثة عن حادثة
مخصوصة أو مجيبة عن سؤال ، مبينة لحكمه زمن وقوعه".
وسبب
النزول بعد هذا التعريف يكون قاصرا على أمرين:
1.
أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها:
مثال على ذلك: كالذي رُوي عن ابن عباس قال:{ وأنذر عشيرتك الأقربين} (الشعراء 214 ) . . خرج
النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا ، فهتف: يا صباحاه ، فاجتمعوا إليه ،
فقال: ارايتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مُصَدِّقِيَّ ؟
قالوا: ما جربنا عليك كذبا ، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال ابو
لهب: تباً لك ، إنما جمعتنا لهذا ؟ ثم قام. فنزلت هذه السورة: { تَبَّتْ يَدَا
أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (المسد 1).
2.
أن يُسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فيتنزل
القرآن ببيان الحكم فيه ، كالذي كان من خولة بنت ثعلبة عندما ظاهر[1] منها زوجها أوس بن الصامت ، فذهبت تشتكي من ذلك ، عن
عائشة قالت: (تبارك الذي وسع سمعه كل شيء ، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى
علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي تقول: يا رسول
الله ، أكل شبابي ونثرتُ له بطني حتى إذا كبُر سني وانقطع ولدي ظَاهَرَ مني ! اللهم إني أشكو غليك ، قالت:
فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات: { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}.
ولا يعني
هذا أن يلتمس الإنسان لكل آية سببا ، فإن القرآن لم يكن نزوله وقفاً على الحوادث
والوقائع ، أو على السؤال والإستفسار ، بل كان القرآن يتنزل ابتداءً ، بعقائد
الإيمان ، وواجبات الإسلام ، وشرائع الله تعالى ، في حياة الفرد وحياة الجماعة ،
قال " الجعبري "[2]
: (نزل القرآن على قسمين: قسم نزل ابتداءً ، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال).
ولذا يُعرف سبب النزول بما
يأتي: ( هو ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال)
________________________
[1] الظهار: أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي ، واختلفوا في غير هذه الصورة.
"إن أصبت فبتوفيق من الله، فأعينوني بالدعاء،
وإن أخطأت فمني ومن الشيطان، فقوموني"
0 تعليقات على " المحاضرة الثالثة في مادة علوم القرآن "